من الأسباب الرئيسية التي دفعت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي بعد أربعة عقود من الانضمام، هي أنها باتت تشهد هجرات جماعية، لأكثر من 600,000 من الرعايا الأجانب المستقرين في الدولة في عام 2015 وحده. وعلى الرغم من انخفاض معدل المواليد من السكان الأصليين في بريطانيا، قد استمر زيادة معدلات النمو السكاني بشكل ينذر بالخطر، ما يعادل 57 مليون في عام 1990 إلى 65 مليون دولار في عام 2015. وإذا استمر الأمر على هذا النحو، قد يتجاوز عدد سكان بريطانيا 70 مليون خلال 10 سنوات المقبلة، مشمولاً به نصف أعداد المهاجرين.
تشكل أعداد المهاجرين الغير بريطانيين ضمن الاتحاد الأوروبي ما يقارب النصف لهذه الدولة، ومن غير المعروف حالياً كيف ستكون العلاقة ما بين المملكة المتحدة و الاتحاد الأوروبي في المستقبل. ومن الممكن أن المملكة المتحدة ستواصل الموافقة على اتفاقية حرية التنقل مع الاتحاد الأوروبي كما هو الحال مع النرويج وسويسرا. في هذه الحال، قرار انفصال المملكة المتحدة سيكون له تأثير محدود على الهجرة إليها، لكن في المقابل ممكن أن يؤدي إلى نهاية حرية التنقل، مما يعني أن مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يرغبون في العيش أو العمل في المملكة المتحدة، سيواجهون متطلبات الدخول/ الزيارة نفسها التي يواجهها الغير الأوروبيين. وبالمثل، فإن المواطنين البريطانيين الراغبين في الانتقال إلى دول الاتحاد الأوروبي سيواجهون قوانين الهجرة نفسها، كغيرهم من المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي.
وفي حال أصبحت حرية التنقل مقيدة، سوف يتطلب من مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يرغبون في الهجرة إلى المملكة المتحدة التقيد بشروط ومتطلبات التأهل للعمل أو التقدم لبرنامج الهجرة كغيرهم من أجل العيش والاستقرار فيها. وسوف تصعّب قوانين الهجرة هذه، العيش والعمل لمواطني الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة. مما يعني أن مواطني الاتحاد الأوروبي سيواجهون قوانين الهجرة نفسها كغيرهم من مواطني الدول الأخرى، وسوف يتوجب عليهم تلبية متطلبات المتعلقة بالدخل والتعليم والمهارات لبرنامج الهجرة الذي تقدمه.
مواطنو الاتحاد الأوروبي المقيمين حالياً في المملكة المتحدة يشكلون أكثر من 6٪ من القوى العاملة، وتعتقد فئة من المتشددين، أنه قد يُسمح لمواطني الاتحاد الأوروبي بالبقاء حتى بعد الانتهاء من المفاوضات بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتُصر فئة أخرى منافسة، على أن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي يعني مصادرة للحقوق التي كانت تقدمها كعضو في الاتحاد. وتشمل هذه الحقوق العيش والعمل والدراسة، بالإضافة الى تأسيس الأعمال التجارية، والحق في الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية. وقد يتطلب من الرعايا الأجانب المتواجدين في الاتحاد الأوروبي حالياً، تقديم الوثائق والأدلة الجديدة لإثبات حقهم في الإقامة، حيث أن من المرجح عدم كفاية استخدام جواز السفر كدليل.
من الجدير بالذكر أن عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي تستغرق مدة عامين على الأقل، ومن المرجح تطبيق تغييرات طفيفة جدا خلال تلك الفترة الأولية. مما يعني أن حرية التنقل لن تتقيد خلال هذه الفترة، ولكن كل ذلك لا يزال غير واضح. حيث أن المملكة المتحدة قد تحد من حرية التنقل في أي وقت، وذلك لمنع الهجرة بأعداد كبيرة.
بالمقابل قد يصبح المواطنون البريطانيون الذين يعيشون حالياً في دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي قلقين بشأن حرمانهم من الامتيازات التي يتمتعون بها حاليا خارج المملكة المتحدة، ومن المرجح أن يفقد المغتربون البريطانيون وضعهم في العيش والعمل في الخارج، فيما إذا كانت الاتفاقية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لا تشمل حرية التنقل. وقد لن تقوم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بإجبار الالاف من القوى العاملة البريطانية لديها بالخروج بشكل سريع من بلدانهم حيث من المتوقع أن يؤثرذلك سلباً على اقتصادها. ومن المرجح أن يتطلب من المغتربين البريطانيين وثائق جديدة أيضاً للإبقاء على إقامتهم في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد البريطاني لا يزال موضوعاً جدلياً، حيث أن الجنيه البريطاني يعاني بالفعل من عواقب انفصالها وأصبحت قيمته تتراجع في أسواق الصرف الأجنبي. انخفاض قيمة الجنيه يمكن أن يؤدي إلى التضخم، وقد يضطر بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة لمواجهة هذا التضخم. وبالتالي سيقوم المستثمرون بسحب أموالهم من المملكة المتحدة خوفا من التأثيرات السلبية لخروج بريطانيا على الاقتصاد. وقد يرى مستثمرون آخرون في ذلك فرصة للاستثمار في المملكة المتحدة وهي في أدنى مستوياتها، على أمل أن تزدهر الأسواق مرة أخرى. وأن تقوم الشركات بتحويل رؤوس أموالها من المملكة المتحدة، وتقليص خططها، أو تصفيتها كلياً، بسبب حالة الغموض حول أداء الاقتصاد البريطاني في المستقبل بعد انفصال بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2018.
وقد كان وقع نتائج الاستفتاء البريطاني صدمة على الأسواق المالية العالمية. ولكن تأثير هذا التصويت على الدول العربية من الخليج محدود على المدى القصير، ليضرب الأسواق المالية والعملات. ويقال أنه لن يكون هناك على المدى البعيد أية عواقب على أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المتوقع أن تشمل بعض المؤثرات على المدى القصير، انهيار سوق العقارات في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى تحطم أسعار الصرف، وانخفاض كبير في الصادرات نظرا إلى أن أكثر من نصف صادرات المملكة المتحدة تذهب حالياً إلى الاتحاد الأوروبي. وعلى المملكة المتحدة الآن أن تواجه على الأقل عامين من الغموض والمفاوضات. ويجب عليها بالمقابل أن تعيد تأسيس مكانتها في الاقتصاد العالمي.
أما بالنسبة لبرنامج الفئة الأولى لهجرة المستثمرين وأصحاب المشاريع والمقاولين الى المملكة المتحدة، فإنه في الوقت الحالي لا يزال دون تغيير. ولم يتم التأكد بعد من قابلية المستثمرين الأجانب في التمتع بمزايا السفر بدون تأشيرة عبر الاتحاد الأوروبي تبعا للاتفاقية النهائية التي سوف تتم ما بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. والتأثيرات الحقيقية لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي لا تزال غير معروفة، وهذا وضع غير مطمئن للمواطنين الأجانب المهتمين في الاستثمار والهجرة إلى المملكة المتحدة.
هذا وقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، استقالته بعد الاستفتاء يوم الجمعة الماضي أيضا. وقال انه لا يؤيد التصويت لانفصال بريطانيا واختار عدم الاستمرار في قيادة الدولة لهذا السبب. المستقبل وحده كفيل لإثبات ما يخبئه لبريطانيا. حيث أصبح المستقبل الآن أمراً مقلق.
للمزيد من المعلومات عن برنامج الفئة الأولى لهجرة المستثمرين وأصحاب المشاريع والمقاولين الى المملكة المتحدة، الرجاء النقر هنا.
لمعرفة ما إذا كنت مؤهلاً للتقديم بطلب على أي من برامج هجرة رجال الأعمال المتوفرة لدينا، يرجى تعبئة استمارة التقييم المجانية الخاصة بنا.